“SYVNL” تدعم اللاجئين لإطلاق مشاريع واعدة عبر تزويدهم بما يلزم من خبرات وأدوات وتمويل
حاوره محمد كفينة
بعمرٍ لا يتجاوز 22 عاماً، استطاع محمد بدران ترك بصمة هامة ضمن الجهود الرامية إلى تفعيل دور اللاجئين في المجتمعات الأوروبية التي يقيمون فيها.
من هو محمد بدران؟
أنا طالب سوري لاجئ في هولندا، عمري 22 عام، وأدرس حالياً الإنثروبولوجيا والتنمية في جامعة أمستردام الحرة “Vrije Universiteit van Amsterdam”. كما أنني متطوعٌ في شبكة المتطوعين السوريين في هولندا “SYVNL”.
هل واجهت صعوبات أثناء الانتقال من البيئة السورية إلى البيئة الهولندية؟
تشهد كل بداية الكثير من المصاعب، إذ لم أتمكن من معاودة الجلوس على مقاعد الدراسة حتى شهر أيلول من عام 2016. لقد تطلب مني تحقيق هذا الأمر ثلاثة أعوام كاملة، علماً بأنني موجود في هولندا في نوفمبر 2013.
كيف كانت رحلة اللجوء في هولندا؟
على امتداد عامٍ كامل، أقمت في 6 مراكز مخصصة لطالبي اللجوء. وعندما وصلت إلى المركز الأخير الموجود في مدينة أوتريخت، بدأت بدراسة اللغة الهولندية. وخلال هذه الفترة، عملت كمتدرب في منظمة “Child Helpline International” بأمستردام، حيث كنت مساعداً لمنسق المنظمة المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبعد ذلك، عملت لما يزيد عن سنة كمشرف في مطعم “Simit Sarayı” بأمستردام. وخلال عملي، أقمت لفترة في أمستردام حتى حصلت على منزل للإيجار في فيسب. وكنت أدرس اللغة الهولندية بجامعة أمستردام “Universiteit van Amsterdam” حتى انتهيت من مرحلة الـ”B2”، ما أتاح لي معاودة الجلوس على مقاعد الدراسة في الجامعة. حينها، تركت العمل بهدف دراسة سنة تحضيرية في جامعة أمستردام الحرة “Schakeljaar”.
هل أنت وحيد هنا أو لديك أقارب في هولندا؟
أعيش لوحدي في فيسب، لكن يتواجد والداي وأختي الصغرى في هولندا. ويقيم عدد من أخوتي في دول أوروبا كالسويد والنمسا. وبالتوافق مع ضغط الدراسة والعمل، أقوم بزيارة أخوتي من فترةٍ إلى أخرى.
كيف بدأ اهتمامك بقضية اللجوء بصفةٍ عامة؟
هناك الكثير من العوامل التي دفعتني للاهتمام بقضية اللجوء، حيث بدأ هذا الاهتمام منذ وصولي إلى هولندا نتيجةً لعملي في مجال التنمية بسورية. ومن المنظمات التي عملت فيها في هذا المجال الأمانة السورية للتنمية، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “UNHCR”، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “UNRWA”. وأثناء دراسة السنة التحضيرية في جامعة أمستردام الحرّة، قررت تغيير مجال دراستي من هندسة التصميم الداخلي إلى الأنتروبولوجيا والتنمية. وتجدر الإشارة إلى أنني درست سابقاً في اختصاص هندسة الديكور بجامعة دمشق حتى وصلت إلى السنة الثانية. ويعود السبب في هذا القرار إلى شعوري بأني لا أمتلك الموهبة الكافية للاستمرار في مجال تصميم الديكور، فضلاً عن عدم توفر الرغبة الكافية لدي لمواصلة هذه الدراسة.
وفي نفس الوقت، عكفت على تصميم مشروع متخصص في مجال اندماج الأطفال السوريين على مستوى هولندا. وخلال محادثة مع أحد الأصدقاء، لاحظ هذا الصديق مدى اهتمامي بمجال التنمية والإنثروبولوجيا، وشجعني على الدراسة في هذا المجال. وهذا ما دفعني إلى البحث ضمن الدراسات الموجودة في هذا المجال.
ما الدور الذي تلعبه دراستك في مجال الإنثروبولوجيا والتنمية على استيعاب قضية اللجوء؟
بالتأكيد تساعدني هذه الدراسة في هذا المجال. ويعتبر علم الإنثروبولوجيا من العلوم الواسعة، لكننا نركز على دراسة التنمية المجتمعية، وهذا المجال الذي أريد التخصص فيه. ومن الجوانب التي تهتم بها هذه الدراسة كيفية استيعاب العوامل المؤدية إلى نشوب النزاعات، والعثور على حلول لهذه النزاعات وتجنبها.
وبوجهة نظري، فإن ما حصل في سورية حطم الكثير من القيم لدى الناس. وفي نفس الوقت، فإننا نعيش في هذا العالم وبتنا في عصر العولمة، وهذا ما يدفعنا إلى تشكيل قيم أخرى تتناسب مع القيم العالمية. ودراستي في مجال الأنتروبولوجيا تأتي في إطار السعي نحو بناء المجتمع السوري من الناحية الفكرية، فضلاً عن بناء قيم وهوية جديدة. وقد يرى الكثير من الناس أن البحث في هذا المجال من الأمور غير الواقعية، لكنني أؤمن بأن هذه الحرب ستنتهي يوماً ما، وينبغي علينا الآن البدء في هذا الموضوع حتى يكون لدينا ما نبني عليه في مرحلة ما بعد الحرب.
كيف ظهرت فكرة شبكة المتطوعين السوريين في هولندا؟
عندما كنت في مرحلة دراسة المشروع المخصص للأطفال اللاجئين في عام 2015، شعرت بأن أي مبادرة يتم تنفيذها في هذا المجال تواجه مشكلةً كبيرة في الوصول إلى قنوات التمويل. وفي ذلك الوقت، لم تكن هناك الكثير من المبادرات.
وفي منتصف عام 2015، انطلقت شبكة المتطوعين السوريين في هولندا “SYVNL”. وفي هذه الفترة، عكفت على دراسة المشروع بدقة، خاصةً وأني أتمتع بخبرة في هذا المجال. وكان ذلك بالتعاون مع مجموعة من الأصدقاء واللاجئين السوريين، دون أن تكون هناك أية مشاركة من قبل الهولنديين. وعلى الرغم من ذلك، لم أستطع الحصول على دعم أو تمويل. وكان من الصعب إقناع المنظمات الهولندية بدعم أي لاجئ يفكر بالحصول على تمويل مشروع يصل إلى 25 ألف يورو، علماً بإن هذا المبلغ ليس كبيراً على هذا النوع من المشاريع.
وتكمن المشكلة في اعتبار جميع الخبرات التي كنا نتمتع بها في سورية وكأنها غير موجودة بالنسبة لهذه المنظمات. ولا تعتد هذه المنظمات بخبراتنا لأنها تعتبرها خبرات في زمن الحرب، ما ترتب عليه البناء من الصفر لمحاولة بناء الثقة مع هذه المنظمات. ويضاف إلى ذلك أننا كنا نقدم المشاريع كأفراد وليس كمجموعات أو منظمات، وهذا الأمر يحدث فارقاً كبيراً. ولقد دفعني ذلك إلى الانتقال من العمل الشخصي إلى العمل على المستوى الجماعي كفريق متطوعين سوريين. وتمثلت الفكرة في تكوين فريق للمتطوعين السوريين في هولندا في محاولةٍ لتفعيل الدور الشبابي، دون أن يكون محصوراً بقواعد وجوانب بيروقراطية قادرة على قتل الروح الجماعية.
وكنا نسعى لأن يشعر كل شخص ينضم إلى الفريق بأنه جزءٌ منه، دون وجود قيود تفرضها التراتبية. وبني الفريق على مجموعة من الشباب السوريين من الأصدقاء والمعارف الراغبين بعمل شيء. وتحدر الإشارة إلى أن المشروع لم ينطلق بواسطة جهود تبذلها مجموعةٌ من المنظمات. وفضلنا أن ننطلق بهذه الطريقة لوجود تحديات كثيرة، منها عدم وجود الثقة بين الناس.
وتمثلت العقبة الثانية في تنفيذ العمل بطريقة مختلفة عن الآخرين. وهذا ما دفعنا إلى العمل كفريق شبابي لا تحكمه القيود الداخلية الصارمة. في المقابل، كنا نرغب بأن نبدو أمام الجهات الأخرى كفريق منظم. وبدأنا بصفحة على الفيسبوك، وقمنا بتصميم لوغو وكنزات عليها اللوغو. وبعد ذلك، بدأنا نرى الكثير من المبادرات الموجودة، وتساءلنا حول كيفية العمل كفريق من المتطوعين السوريين. وكانت الفكرة بأن نكون فريق من اللاجئين السوريين الذين يعملون على دعم المجتمع الهولندي من خلال العمل ضمن المبادرات الهولندية. ويعود السبب في ذلك إلى عدم توافر الموارد باستثناء طاقاتنا بشرية كشباب.
ورغم ذلك، فقد كان هذا الأمر ليس سهلاً لأن جميع المنظمات التي تواصلنا معها في تلك الفترة لم تكن ترغب بالعمل معنا كفريق ولكن كأفراد. وبوجهة نظرنا، فقد كان من الضروري العمل كفريق لنظهر للمجتمع الهولندي أن اللاجئين السوريين يقومون بعمل ملموس، خاصةً وأن العمل كأفراد لا يبرز بشكل فعلي عمل اللاجئين بالتحديد ضمن المشاريع والمبادرات المتعددة، فالأفراد لا يحصلون على التغطية الإعلامية.
من خلال اللوغو والكنزات، هدفنا إلى تسليط الضوء على العدد الكبير من السوريين العاملين في المشاريع التطوعية بهولندا. وكنا نرغب بأن ينظر المجتمع الهولندي إلى هؤلاء بصفتهم متطوعين سوريين، وليس كمتطوعين في المنظمات المتعددة كالصليب الأحمر على سبيل المثال. وسعينا من خلال اللوغو إلى التعبير إلى وجود متطوعين سوريين على الأرض وليس فقط لاجئين سوريين. ومن هنا، أتت فكرة تصميم لوغو يجمع بين سورية وهولندا في نفس الوقت، فضلاً عن وضع هذا اللوغو على كنزات ننزل بها على الأرض. وبهذه الطريقة، سيتعرف الناس علينا كفريق، وهذا لن يظهر إلا بتواجدنا معاً كمجموعة. وبالتالي، فلم يكن الأمر سهلاً. ولقد تواصلنا مع العديد من المنظمات كالصليب الأحمر ومنظمة “VWN”. ولم نكن نحصل على أي جواب من هذه المنظمات، هذا إذا لم يكن الرد بالسخرية لأننا كنا نرغب بالعمل كمجموعة وليس كأفراد.
وبعد فترة استطعنا أن نعمل كمجموعة بعد جهودٍ كبيرة في مراكز اللجوء “Opvanglocaties” مع منظمة جيش الخلاص “Leger des Heils”. وبعد ذلك، بدأنا نحصل على دعم كبير وبدأت الناس تحب فكرتنا. وهنا بدأنا نفكر في إيصال فكرتنا إلى أكبر عدد ممكن من الناس، لنصبح أكثر قدرة على التأثير.
وكنا نرحب بأن يأخذ اللاجئين الفكرة ويقوموا بعمل شيء آخر من نفس القبيل في مكانٍ آخر. وكما ذكرت سابقاً، فإن لدينا قضية واحدة ولن تستطيع مواجهة هذه القضية وحيداً. وهنا بدأت تصل لنا طلبات تطوع كثيرة من مختلف مناطق هولندا. وتمثلت المشكلة في عدم وجود الموارد والقدرة على دفع تكاليف المواصلات حتى يكون لديك فريق واحد منتشر في مختلف المناطق الهولندية على أن يتم الاجتماع في مكانٍ واحد لمناقشة الأمور.
وفي هذا الوقت، قمنا بتصميم برنامج لتعليم اللغة الهولندية بطريقة مختلفة للغاية عن الطرق التقليدية المرتبطة بتعلم اللغة. وتمثلت الفكرة في تصميم دورة مكثفة هولندي عربي لمدة ستة أيام يتم خلالها إعطاء المبادئ ومعالجة موضوع محدد في كل يوم كالعلاقات أو النماذج النمطية. وجاء ذلك إلى جانب إجراء نقاشات حول الثقافات المختلفة. وشارك في برنامج الدورات المكثفة سوريين وهولنديين وأتراك وأفغان. وجلس على كل طاولة ستة أشخاص “3 هولنديين و3 سوريين بالإضافة إلى ميسر للمساعدة في الترجمة والنشاطات وغيرها من الأمور”. ولقي البرنامج الذي قمنا بتنفيذه في مركز اللجوء بشارع “Havenstraat” في أمستردام نجاحاً كبيراً.
وشارك في هذا البرنامج معلمون هولنديون من جامعة أمستردام الحرة. وبعد ذلك، تبنت المشروع جامعة أمستردام، وقمنا بإعادة تنفيذه مع طلاب ماجستير قاموا بتنفيذ تدريب لهم. وهذا ما أظهر قدرتنا على مساعدة الناس وخلق فرص التدريب للطلاب الهولنديين.
وشهدت شبكة المتطوعين السوريين في هولندا خلال هذه الفترة تطوراً كبيراً كفكرة. وهنا بدأنا نفكر في الحصول على تمويل لدعم مشروعنا. وكان هذا من الأمور الصعبة التي واجهتنا في مرحلة الانتقال من مبادرة إلى الحصول إلى دعم. وبدأنا بتنظيم جوانبنا من النواحي الإدارية والمالية، حيث قمنا بفتح حساب بنكي وتكوين مجلس إدارة وحصلنا على ترخيص في فبراير 2016.
وبدأنا نبحث عن اللاجئين الراغبين بتطبيق أفكارهم المتعلقة بقضية اللجوء، حتى نقوم بدعمهم بالأدوات والموارد اللازمة (على سبيل المثال، التشبيك مع الشركاء). وهذا ما طورنا في عام 2016. ولم يقتصر عملنا على أن نكون منصة تربط بين الداعمين وأصحاب الأفكار فحسب. فاللاجئ الراغب بتطبيق فكرته يجب أن تكون لديه الأدوات والخبرات الكافية لبناء مبادرة ناجحة. وهنا، بدأنا نسأل أنفسنا كيف يمكن أن نوفر هذه الخبرات لهذه الفئة من الناس.
وكانت لدينا شبكةٌ متميزةٌ من الخبراء المتخصصين في مجال التنمية، فبدأنا نستقدم خبراء من خارج هولندا لتعليم هؤلاء الأشخاص كيفية بناء المبادرات وتزويدهم بدورات تدريبية في هذا المجال. وقمنا بإجراء ورش عمل ضمن مشروع رأس المال المجتمعي “Community Capital”، حيث نقوم بتقديم دعم 3 مبادرات من المشاركين في ورش العمل.
كيف وصلت شبكة المتطوعين السوريين ومحمد بدران إلى قمة الأمم المتحدة للاجئين؟
شهدت لندن تنظيم قمة دعم سورية والمنطقة “Supporting Syria and the Region” قبل انعقاد قمة الأمم المتحدة للاجئين في فبراير 2016. وكانت هناك قمة مخصصة للمانحين، وتمت دعوتي لحضور هذه القمة ممثلاً عن المجتمع المدني السوري. وفي ذلك الوقت، تحدثت عن موضوع التعليم ومدى أهمية وصول اللاجئين إلى التعليم. فأنا على سبيل المثال لم يكن من السهل علي الوصول إلى جامعة أمستردام الحرة كأي شخص هولندي الجنسية. والوصول إلى مثل هذا الأمر يتطلب من اللاجئ أكثر من ثلاث سنوات. وسعيت إلى إيصال صوت اللاجئين الراغبين في التعلّم، فضلاً عن تسليط الضوء على أهمية التعليم.
ومن التجارب السابقة، نرى أن هناك نوعين من اللاجئين وهم اللاجئون الذين سيظلوا في دولة اللجوء أو الراغبون بالعودة إلى بلادهم الأصلية. وهنا، لا بد أن نتساءل حول مدى قدرة اللاجئين الباقين في دولة اللجوء في الحصول على فرص العمل في حال عدم حصولهم على خبرات أو شهادات من البلد الذي يتواجدون فيه. هم بالتأكيد بحاجة إلى تمكين وتعليم. وفي حال عودة هؤلاء إلى بلادهم بعد مرور 7 سنوات على سبيل المثال، فإننا سنتساءل حول مدى حصول هؤلاء على شيء من قيم هولندا وخبراتها ليساهموا في عملية بناء وطنهم الأم. ومن هذا المنطلق، بدأت تتبلور لدينا فكرة الوصول إلى التعليم.
وفي نفس الوقت، فإننا نرى أن هناك العديد من الدول الأوروبية التي تدعم سورية والمنطقة في مجال التعليم بمبالغ هائلة. وركزنا جهودنا على المطالبة بالوصول إلى التعليم وليس الحصول على الأموال لدعم التعليم. وتحدثنا خلال المؤتمر عن موضوع الاندماج على الرغم من أنه لم يكن مطروحاً على طاولة النقاش خلال المؤتمر.
وبعد ذلك، تقدمنا للمشاركة في قمة الأمم المتحدة، فقمنا بإرسال بيان ظهر في أول مسودة. وتقدمت للمشاركة في القمة حوالي 450 منظمة تم اختيار 9 منظمات منها للمجتمع المدني. وكنت الوحيد الذي يتحدث عن المجتمع المدني السوري، وهذا ما شكل ضغطاً كبيراً. وبدأت بالتفكير بأفضل طريقة استطيع من خلالها إيصال أفكار وصوت اللاجئين السوريين، فقمت بوضع فيديو على موقع فيسبوك تحدثت فيه عن دعوتي للمشاركة في المؤتمر.
وطلبت منهم أن يزودوني بأفكارهم التي يرغبوا بإيصالها على المستوى الدولي ضمن رسالة لا تتجاوز مدتها 3 دقائق. وتواصل الكثير من الناس معنا من داخل سورية وأوروبا. وبعد الحصول على الكثير من الردود التي وصلت إلى 7000 رد، قمت بصياغة كلمة تعبر عن الرغبة في الحصول على التعليم، وأن صوت اللاجئ السوري غير مسموع، فضلاً عن تسليط الضوء على عدم وجود دعم للسوريين الموجودين داخل المنطقة أو في أوروبا.
وفي نفس الوقت، حاولت إيصال فكرة أن اللاجئ قوي وليس ضحية كما كانوا يرغبوا بتصويره. فكان الهدف أن نشعر السوريين بإمكانية وصول صوتهم إلى هذا العالم، بالإضافة إلى نجعل الناس تفخر بما نقدمه كسوريين أو كلاجئين. وذكرت في الكثير من المقابلات أن هذه الرسالة ليست رسالة محمد بدران، بل رسالة اللاجئين وأنني كنت مجرد وسيلة لإيصال هذه الرسالة. كل ما حاولت القيام به هو تنفيذ وظيفتي.
وكانت ردود فعل السوريين والعرب والهولنديين إيجابية وسلبية في نفس الوقت. وتمثل الجانب السلبي، في عدم رغبة بعض السوريين بتوجيه رسالة باسم سورية أو اللاجئين السوريين لأني فلسطيني سوري، كما لامني بعض الفلسطينيين لأنهم كانوا يمنون النفس بتوجيه رسالة باسم فلسطين أو القضية الفلسطينية. وانتقد بعض الهولنديين رغبتنا في الوصول إلى التعليم وأشاروا إلى أننا لا نكف عن طلب المساعدات. في المقابل، كان هناك هولنديون فخورون بتواجدي في القمة واعتبروا أني من هولندا. فعلى سبيل المثال، فقد وصفني موقع nos.nl في تقريره بـ”السوري الهولندي”. وفور انتهائي من الكلمة التي ألقيتها في القمة، أرسل الوفد الهولندي المشارك في القمة يطلب مقابلتي. وتحدثت مع وزير الخارجية بيرت كوندرز ووزيرة التنمية ليليان بلاومن وقالوا لي أنهم فخورون بي. وسبق لي أن التقيت الوزير كوندرز عندما أحضرنا الأوركسترا السورية المشاركة في مهرجان “Holland Festival”.
تصوير © Ilvy Njiokiktjien